قََََصَصُ الأنْبِیَاءِ
للإمام ابن الحافظ ابن كثیر
ذكر بناية البیت العتیق
قال الله تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاھِیمَ مَكَانَ الْبَیْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَیْئاً
وَطَھِّرْ بَیْتِي لِلطَّائِفِینَ وَالْقَائِمِینَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وَأَذ نْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ
رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِینَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِیقٍ}.
وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَھُدًى لِلْعَالَمِین،
فِیهِ آيَاتٌ بَیِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاھِیمَ و مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ
مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبِیلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِینَ}.
وقال تعالى : {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاھِیمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّھُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُ كَ
لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَھْدِي الظَّالِمِینَ، وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَیْتَ
مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاھِیمَ مُصَلى ، وَعَھِدْنَا إِلَى إِبْرَاھِیمَ
وَإِسْمَاعِیلَ أَنْ طَھِّرَا بَیْتِي لِلطَّائِفِینَ وَالْعَاكِفِینَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاھِیمُ رَبِّ اجْعَلْ ھَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُق أَھْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْھُمْ بِاللَّهِ
وَالْیَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِیلاً ثُم أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ
الْمَصِیرُ، وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاھِیمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَیْتِ وَإِسْمَاعِیلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ
السَّمِیعُ الْعَلِیمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَیْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا
مَنَاسِكَنَا وَتُب عَلَیْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ، رَبَّنَا وَابْعَث فِیھِمْ رَسُولا مِنْھُمْ يَتْلُو
عَلَیْھِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُھُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّیھِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِیمُ}.
يذكرُ تعالى عن عبده ورسوله وصفیه وخلیله إمام الحنفاء، ووالد الأنبیاء
إبراھیم علیه السلام أنه بنى البیت العتیق، الذي ھو أول مسجد وضع
لعموم الناس، يعبدون الله فیه وبوّأه الله مكانه، أي أرشده إلیه ودلّه علیه.
وقد روينا عن أمیر المؤمنین علي بن أب ي طالب وغیره أنه أرشد إلیه
بوحي من الله عز وجل . وقد قدمنا في صفة خلق السماوات، أن الكعبة
بحیال البیت المعمور، بحیث أنه لو سقط لسقط علیھا، وكذلك معابد
السماوات السبع، كما قال بعض السلف : إن في كل سماء بیتاً يعبد الله فیه
أھل كل سماء، وھو فیھا ككعبة لأھل الأرض.
فأمر الله تعالى إبراھیم علیه السلام، أن يبني له بیتاً يكون لأھل الأرض،
كتلك المعابد لملائكة السماوات، وأرشده الله إلى مكان البیت المھیأ له،
المعین لذلك منذ خلق السماوات والأرض، كما ثبت في "الصحیحین ": "أن
ھذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فھو حرام بحرمة الله إلى يوم
القیامة".
اتريا ردودكم ودعاويكم
:راعي الفتك